بسم الله الرحمن الرحيم
نشيد النور في شفتي
على بعد بضعة أمتار من منزلها كان يقع ذلك المكان ،هناك حيث السعادة ذهابا وإيابا.يقفز القلب فرحا حين يتم اللقاء، لقاء يستمر أكثر من نصف النهار يضيئ عتمات النفس ويزيل غبار الجهل ،هو روضة مليئة بالأزهار لا تملها العين أبدا .تركته (أمل) فترة من الزمن ، لماذا ؟
مرضت( أمل) ألزمها الطبيب استراحة لمدة أسبوع في منزلها...تضايقت, وهي تعد الأيام والساعات, شعرت بأنها في معزل عن العالم, وأنها تحتاج لغذاء الروح الذي افتقدته في الأيام السابقة،وأحست بأن الشمعة المضيئة أوشكت على الانطفاء، تضرعت إلى الله ألا يطول مرضها وجلوسها في المنزل.
وبعد أيام استيقظت (أمل) على صوت أمها الحبيبة وهي تقول:
صباح الخير, استيقظي يا ابنتي حان وقت الذهاب للمدرسة ،فأنت الآن في أحسن حال و صحتك بخير والحمد لله.
تذكرت شريطا من ذكريات الطفولة عندما جهّزتها والدتها لليوم الدراسيّ الأول وهي تنشد لها :
نشيد النور في شفتي تعيش تعيش مدرستي
أحبّ معلمي الغالي أحبــّك يـا معلمتي
أرى علمي أرى وطني أرى الدنيا بمدرستي
فركت عينيها تهلّل وتسبّح في هذا الصباح الجميل المشرق،ثم صلّت فرضها وتناولت طعام الإفطار , وهي تحدث أمها عن تلك المشاريع التي تقوم به طالبات المدرسة التي تنتمي إليها وكلمات الافتخار تقطر شهدا من لسانها ؛لأنها تحتضن واحدة من بناتها في مدرسة استكشافية تنتقل طالباتها بين أجهزة الحواسيب كفراشات تطير أو نحل يرتشف رحيق العسل من زهرة لزهرة .
أثنت أمها عليها وهي ترى ذلك البريق اللامع في عينيّ ابنتها (أمل) وهي تواصل مشروع الصحة المدرسية واللياقة البدنية التي تمارسها الطالبات في كل صباح.
- أتعرفين يا أمل أن حبّ المدرسة في قلبك يمتد بجذوره، يسابق الزمن ويخترق ماضي البسيط ؟
كنا لا نمتلك هذه الأجهزة والمعدات ونحبّ مدارسنا ولكنكم الآن تعشقونها !
-أمي العزيزة لو خيل لنا هذا الكون من دون علم فكيف سيكون ؟!
المدرسة بأجهزتها وحواسيبها ومناهجها المطوّرة وقبل كل ذلك بمعلماتها الغاليات جعلته قرية صغيرة .
أرفع رأسي بهذا البلد الذي أعيش فيه وبقيادته الحكيمة الرشيدة والتي ساهمت بمشروع مدرستي الذي أطلقته (جلالة الملكة رانيا العبد الله) حبيبة الصغار قبل الكبار . أتمنى, أتمنى يا أمي أن أكبر سريعا كي أخدم هذا الوطن وأكتب عنه للأجيال القادمة عن معروفه في أعناقنا - نحن الطلبة - لن ننساه أبدا إنه عطاء لا ينقطع وتضحية لاحدود لها , فما عسانا نفعل؟ (وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) قبّلت أمل يد أمها ولوّحت لها طالبة رضاها والدعاء لها بالتوفيق... تسير تلك المسافة القصيرة لذلك المكان الدافئ الذي أنار لها الأفق ولسان حالها يقول : ((قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون))
وعادت الشمعة لنورها من جديد ...وعادت أمل لذلك المكان الذي عشقته ولا تقدر على فراقه.عادت للمدرسة الأم والحبيبة.